﴾ بردة ﴿

navigate_before
navigate_next
الفصل الثالث : فِيْ مَدْحِ النَّبِيِّ صَلّٰى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
مَوْلَايَ صَلِّي وَسَلِّـمْ دَآئِماً أَبَـدًا
عَلَى حَبِيْبِكَ خَيْرِ الْخَلْقِ كُلِّهِمِ
يَا رَبِّ بالْمُصْطَفٰى بَلِّغْ مَقَاصِدَنَا
وَاغْفِرْ لَنَا مَا مَضَى يَا وَاسِعَ الكَرَمِ
ظَلَمْتُ سُنَّةَ مَنْ أَحْيَا الظَّلَامَ إِلىٰ
أَنِ اشْتَكَتْ قَدَمَاهُ الضُّرَّ مِنْ وَّرَمِ
وَشَدَّ مِنْ سَغَبٍ أَحْشَآءَهٗ وَطَوٰى
تَحْتَ الْحِجَارَةِ كَشْحًا مُّتْرَفَ الْأَدَمِ
وَرَاوَدَتْهُ الْجِبَالُ الشُّمُّ مِنْ ذَهَبٍ
عَنْ نَّفْسِهٖ فَأَرَاهَا أَيَّمَا شَمَمِ
وَأَكَّدَتْ زُهْدَهٗ فِيْهَا ضَرُورَتُهٗ
إِنَّ الضَّرُوْرَةَ لَا تَعْدُوْ عَلَى الْعِصَمِ
وَكَيْفَ تَدْعُوْا إِلَى الدُّنْيَا ضَرُوْرَةُ مَنْ
لَوْلَاهُ لَمْ تُخْرَجِ الدُّنْيَا مِنَ العَدَمِ
مُحَمَّدٌ سَيّدُ الْكَوْنَيْنِ وَالثَّقَلَيْ
نِ وَالْفَرِيْقَيْنِ مِنْ عُرْبٍ وَّمِنْ عَجَمِ
نَبِيُّنَا اْلاٰمِرُ النَّاهِيْ فَلَآ أَحَدٌ
أَبَرَّ فِيْ قَوْلِ لاَ مِنْهُ وَلاَ نَعَمِ
هُوَ الْحَبِيْبُ الَّذِيْ تُرْجٰى شَفَاعَتُهٗ
لِكُلِّ هَوْلٍ مِّنَ الْأَهْوَالِ مُقْتَحَمِ
دَعَا إِلَى اللّٰهِ فَالْمُسْتَمْسِكُونَ بِهٖ
مُسْتَمْسِكُونَ بِحَبْلٍ غَيْرَ مُنْفَصِمِ
فَاقَ النَّبِيِّيْنَ فِيْ خَلْقٍ وَّفٖى خُلُقٍ
وَلَمْ يُدَانُوْهُ فٖى عِلْمٍ وَّلاَ كَرَمِ
وَكُلُّهُمْ مِّنْ رَّسُولِ اللّٰهِ مُلْتَمِسٌ
غَرْفًا مِّنَ الْبَحْرِ أَوْ رَشْفًا مِنَ الدِّيَمِ
وَوَاقِفُوْنَ لَدَيْهِ عِنْدَ حَدِّهِمِ
مِنْ نُّقْطَةِ الْعِلْمِ أَوْ مِنْ شَكْلَةِ الْحِكَمِ
فَهْوَ الَّذِيْ تَمَّ مَعْنَاهُ وَصُوْرَتُهٗ
ثُمَّ اصْطَفَاهُ حَبِيـْبًا بَارِئُ النَّسَمِ
مُنَزَّهٌ عَنْ شَرِيكٍ فٖى مَحَاسِنِهٖ
فَجَوْهَرُ الْحُسْنِ فِيْهِ غَيْرُ مُنْقَسِمِ
دَعْ مَاادَّعَتْهُ النَّصَارٰى فِيْ نَبِيِّهِمِ
وَاحْكُمْ بِمَا شِئْتَ مَدْحًا فِيْهِ وَاحْتَكِمِ
فَانْسُبْ إِلٰى ذَاتِهٖ مَا شِئْتَ مِنْ شَرَفٍ
وَانْسُبْ إِلىٰ قَدْرِهٖ مَا شِئْتَ مِنْ عِظَمِ
فَإِنَّ فَضْلَ رَسُولِ اللّٰهِ لَيْسَ لَهٗ
حَدٌّ فَيُعْرِبَ عَنْهُ نَاطِقٌ بِفَمِ
لَوْ نَاسَبَتْ قَدْرَهٗ أٰيَاتُهٗ عِظَمًا
أَحْيَا اسْمُهٗ حِيْنَ يُدْعٰى دَارِسَ الرِّمَمِ
لَمْ يَمْتَحِنَّا بِمَا تَعْيَا الْعُقُـــوْلُ بِهٖ
حِرْصًا عَلَيْنَا فَلَمْ نَرْتَـبْ وَلَمْ نَهِمِ
أَعْيَا الْوَرٰى فَهْمُ مَعْنَاهُ فَلَيْسَ يُرٰى
لِلْقُرْبِ وَالْبُعْدِ مِنْهُ غَيْرُ مُنْفَحِمِ
كَالشَّمْسِ تَظْهَرُ لِلْعَيْنَيْنِ مِنْ بُعُدٍ
صَغِيْرَةً وَّتُكِلُّ الطَّرْفَ مِنْ أَمَمِ
وَكَيْفَ يُدْرِكُ فِى الدُّنْيَا حَقِيْقَتَهٗ
قَوْمٌ نِيَامٌ تَسَلَّوْا عَنْهُ بِالْحُلُمِ
فَمَبْلَغُ الْعِلْمِ فِيْهِ أَنّهٗ بَشَرٌ
وَأَنَّهُ خَيْرُ خَلْقِ اللّٰهِ كُلِّهِمِ
وَكُلُّ أٰيٍ أَتَى الرُّسْلُ الْكِرَامُ بِهَا
فَإِنّمَا اتَّصَلَتْ مِنْ نُوِرِهٖ بِهِمِ
فَإِنّهٗ شَمْسُ فَضْلٍ هُمْ كَوَاكِبُهَا
يُظْهِرْنَ أَنْوَارَهاَ لِلنَّـاسِ فِيْ الظُّلَمِ
أَكْرِمْ بِخَلْقِ نَبِيٍّ زَانَهٗ خُلـُقٌ
بِالْحُسْنِ مُشْتَمِلٍ بِالْبِشْرِ مُتَّسِمِ
كَالزَّهْرِ فِيْ تَرَفٍ وَّالْبَدْرِ فٖى شَرَفٍ
وَالْبَحْرِ فِيْ كَرَمٍ وَّالدَّهْرِ فِيْ هِمَمِ
كَأَنَّهٗ وَهْوَ فَرْدٌ فٖى جَلَالَتِهِ
فِيْ عَسْكَرٍ حِيْنَ تَلْقَاهُ وَفِى حَشَمِ
كَأَنّمَا اللُّؤْلُؤُ الْمَكْنُوْنُ فِيْ صَدَفٍ
مِنْ مَّعْدِنَيْ مَنْطِقٍ مِّنْهُ وَمُبْتَسَمِ
لَا طِيْبَ يَعْدِلُ تُرْبًا ضَمَّ أَعْظُمَهٗ
طُوبٰى لِمُنْتَشِقٍ مِّنْهُ وَمُلْتَثِمِ