﴾ سمط الدّرر ﴿

navigate_before
navigate_next
ثُمَّ إِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ حَكَمَتِ الْقُدْرَةُ بِظُهُورِه
وَانْتَشَرَتْ فِي الْأَ كْوَانِ لَوَامِعُ نُورِه
تَسَابَقَتْ إِلَىٰ رَضَاعِهِ الْمُرْضِعَات
وَتَوَفَّرَتْ رَغَبَاتُ أَهْلِ ا لْوُجُودِ فِي حَضَانَةِ هٰذِهِ ا لذَّات
فَنَفَذَالْحُكْمُ مِنَ الْحَضْرَةِ الْعَظِيمَة
بِوَاسِطَةِ لسَّوَ بِقِ الْقَدِيمَة
بِأَنَّ الْأَوْلَىٰ بِتَرْبِيَةِ هٰذَا الْحَبِيبِ وَحَضَانَتِهِ السَّيِّدَةُ حَلِيمَة
وَهِيْنَ لَاحَظَتْهُ عُيُونُهَا
وَبَرَزَ فِي شَأْنِهَا مِنْ أَسْرَارِ الْقُدْرَةِ الرَّبَّانِيَّةِ مَكْنُونُهَا
نَازَلَ قَلْبَهَا مِنَ الْفَرَحِ وَالسُّرُور
مَادَلَّ عَلَىٰ أَنَّ حَظَّهَا مِنَ اْلْكَرَامَةِ عِنْدَ اللّٰهِ حَظٌّ مَوْفُور
فَحَنَتْ عَلَيْهِ حُنُوَّ الْأُمَّهَاتِ عَلَى الْبَنِيْن
وَرَغِبَتْ فِي رَضَاعِهِ طَمَعًا فِي نَيْلِ بَرَكَاتِهِ الَّتِي شَمِلَتِ الْعَا لَمِيْن
فَطَلَبَتْ مِنْ أُمِّهِ الْكَرِ يمَة
أَنْ تَتَوَلَّىٰ رَضَاعَهُ وَحَضَانَتَهُ وَتَرْبِيَتَهُ بِالْعَيْنِ الرَّحِيْمَة
فَأَجَابَتْهَا بِالتَّلْبِيَةِ لِدَاعِيْهَا
لِمَا رَأَتْ مِنْ صِدْقِهَا فِي حُسْنِ التَّرْبِيَةِ وَوُفُورِ دَوَاعِيْهَا
فَتَرَحَّلَتْ بِهِ إِلَىٰ مَنَازِلِهَا مَسْرُورَة
وَ هِيَ بِرِعَايَةِ اللَّهِ مَحْفُوفَةٌ وَبِعَيْنِ عِنَايَتِهِ مَنْظُورَة
فَشَاهَدَتَ فِي طَرِيقِهَا مِنْ غَرِيبِ الْمُعْجِزَات
مَادَلَّهَا عَلَىٰ أَنَّهُ أَشْرَفُ الْمَخْلُوقَات
فَقَدْ أَتَتْ وَشَارِفُهَا وَأَتَانُهَا ضَعِيفَتَان
وَرَجَعَتْ وَهُمَالِدَوَابِّ الْقَافِلَةِ تَسْبِقَان
وَقَدْ دَرَّتِ الشَّارِفُ وَالشِّيَاهُ مِنَ الْأَ لْبَان
بِمَا حَيَّرَ الْعُقُولَ وَالْأَذْهَان
وَبَقِيَ عِنْدَهَا فِي حَضَانَتِهَا وَزَوْجِهَا سَنَتَيْن
تَتَلَقَّىٰ مِنْ بَرَكَاتِهِ وَعَجَائِبِ مُعْجِزَاتِهِ مَاتَقَرُّبِهِ الْعَيْن
وَتَنْتَشِرُ أَسْرَارُهُ فِي الْكَوْ نَيْن
حَتَّىٰ وَاجَهَتْهُ مَلَائِكَةُ التَّخْصِيصِ وَالْإِكْرَام
بِالشَّرَفِ الَّذِي عَمَّتَ بَرَكَتُهُ الْأَنَام
وَهُوَ يَرْعَى الْأَغْنَام
فَأَضْجَعُوهُ عَلَى الْأَرْضِ إِضْجَاعَ تَشْرِيف
وَشَقَّوْا بَطْنَهُ شَقًّالَطِيف
ثُمَّ أَخْرَجُوا مِنْ قَلْبِهِ مَاأَخْرَجُوه
وَاَوْدَعُوا فِيهِ مِنْ أَسْرَارِ الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ مَاأَوْدَعُوه
وَمَا أَخْرَجَ ا لْأَمْلَاكُ مِنْ قَلْبِهِ أَذًى وَلَكِنَّهُمْ زَادُوهُ طُهْرًا عَلَىٰ طُهْرِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ فِي قُوَّةٍ وَثَبَا ت
يَتَصَفَّحُ مِنْ سُطُور الْقَدْرَةِ الْإِلَهِيَّةِ بَاهِرَالْاۤيَات
فَبَلَغَ إِلَىٰ مُرْضِعَتِهِ الصَّالِحَةِ الْعَفِيفَة
مَاحَصَلَ عَلَىٰ ذَاتِهِ الشَّرِيفَة
فَتَخَوَّفَتْ عَلَيْهِ مِنْ حَادِثٍ تَخْشَاه
وَلَمْ تَدْرِ أَنَّهُ مُلَاحَظٌ بِالمُلَاحَظَةِ التَّامَّةِ مِنْ مَوْلَاه
فَرَدَّتْهُ إِلَىٰ أُمِّهِ وَهِيَ غَيْرُ سَخِيَّةٍ بِفِرَاقِه
وَلَكِنْ لِمَا قَامَ مَعَهَا مِنْ حُزْنِ الْقَلْبِ عَلَيْهِ وَإِشْفَاقِه
وَهُوَ بِحَمْدِاللَّهِ فِي حِصْنٍ مَانِعٍ وَمَقَامٍ كَرِيم