﴾ سمط الدّرر ﴿

navigate_before
navigate_next
وَحَيْثُ تَشَرَّفَتِ الْأَسْمَاعُ بِأَخْبَارِ هَذَا لْحَبِيبِ الْمَحْبُوب
وَمَا حَصَلَ لَهُ مِنَ الْكَرَامَةِ في عَوَالِمِ الشَّهَادَةِ وَالْغُيُوب
تَحَرَّكَتْ هِمَّةُ الْمُتَكَلِّمِ إِلَى نَشْرِ مَحَاسِنِ خَلْقِ هَذَاالسَّيِّدِ وَأَخْلَاقِه
لِيَعْرِفَ السَّامِعُ مَاأَ كْرَمَهُ للّٰهُ بِهِ مِنَ الْوَصْفِ الْحَسَنِ وَالْخَلق الْجَمِيلِ الَّذِي خَصَّصَتهُ بِهِ عِنَايَةُ خَلَّاقِه
فَلْيُقَابِلِ السَّامِعُ مَاأُمْلِيهِ عَلَيهِ مِنْ شَرِيفِ الْأَخْلَاقِ بِأُذُنٍ وَاعِيَة
فَإِنَّهُ سَوْفَ يَجْمَعُهُ مِنْ أَوْصَافِ الْحَبِيبِ عَلَى الرُّتْبَةِ الْعَالِيَة
فَلَيْسَ يُشَابِهُ هَذَاالسَّيِّدَ في خَلْقِهِ وَأَخْلَاقِهِ بَشَر
وَ لَايَقِفُ أَحَدٌ مِنْ أَسْرَارِ حِكْمَةِ اللَّهِ في خَلْقِهِ وَخُلُقِهِ عَلَى عَيْنٍ وَلَا أَثَر
فَإِنَّ الْعِنَايَةَ الْأَزَلِيَّة
طَبَعَتْةُ عَلَى أَخْلَاقٍ سَنِيَّة
وَأَقَامَتْهُ فِي صُورَةِ حَسَنَةٍ بَدْرِيَّة
فَلَقَدْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْبُوعَ الْقَامَة
أَبْيَضَ اللَّوْنِ مُشَرَّبًا بِحُمْرَة
وَاسِعَ الْجَبِينِ حَسَنَه
شَعْرُهُ بَيْنَ الْجُمَّۤةِ وَالْوَفْرَة
وَلَهُ الاعْتِدَالُ الْكَامِلُ فِي مَفَاصِلِهِ وَأَطْرَافِه
وَالْاِسْتِقَامَةُ الْكَامِلَةُ في مَحَاسِنِهِ وَأَوْصَافِه
لَمْ يَأْتِ بَشَرٌ عَلَى مِثْلِ خَلْقِه
فِي مَحَاسِنِ نَظَرِهِ وَسَمْعِهِ وَنُطْقِه
قَدْ خَلَقَهُ للّٰهُ عَلىٰ أَجْمَلِ صُورَة
فِيْهَا جَمِيعُ الْمَحَاسِنِ مَحْصُورَة
وَ عَلَيْهَا مَقْصُورَة
إِذَاتَكَلَّمَ نَثَّرَ مِنَ الْمَعَارِفِ وَالْعُلُومِ نَفَائِسَ الدُّرَر
وَلَقَدْ أُوتِيَ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ مَاعَجَزَ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ مَصَاقِعُ الْبُلَغَاءِ مِنَ الْبَشَر
تَتَنَزَّهُ الْعُيُونُ في حَدَائِقِ مَحَاسِنِ جَمَالِه
فَلَاتَجِدُ مَخْلُوقًا فِي الوُجُودِ عَلَى مِثَالِه
سَيِّدٌ ضِحْكُمُ التَّبَسُّمُ
وَ الْمَشْيُ الْهُوَيْنَا وَنَوْمُهُ الْإِغْفَاءُ
مَاسِوَى خُلْقِهِ النَّسِيمُ
وَلَا غَيرَ مُحَيَّاهُ الرَّوْضَةُ الْغَنَّاءُ
رَحْمَةٌ كُلُّهُ وَحَزْمٌ وَعَزْمٌ
وَوَقَارٌ وَعِصْمَةٌ وَحَيَاءُ
مُعْجِزُ الْقَوْلِ وَالْفِعَالِ
كَرِيمُ الْخَلْقِ وَالْخُلُقِ مُقْسِطٌ مِعْطَاءُ
وَإِذَا مَشَىٰ فَكَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَب
فَيَفُوتُ سَرِيعَ الْمَشْيِ مِنْ غَيْرِ خَبَب
فَهُوَ الْكَنْزُ الْمُطَلْسَمُ الَّذِي لَايَأْتي عَلَى فَتْحِ بَابِ أَوْصَافِهِ مِفْتَاح
وَالْبَدْرُ التِّمُّ الَّذِي يَأْخُذُ الْأَلْبَابَ إِذَا تَخَيَّلَتْهُ أَوْ سَنَاهُ لَهَا لَاح
حَبِيبٌ يَغَارُ الْبَدْرُ مِنْ حُسْنِ وَجْهِهِ
تَحَيَّرَتِ الْأَلْبَابُ في وَصْفِ مَعْنَاهُ
فَمَاذَا يُعْرِبُ الْقَوْلُ عَنْ وَصْفٍ يُعْجِزُ الْوَاصِفِين
أَوْيُدْرِكُ الْفَهْمُ مَعْنَىٰ ذَاتٍ جَلَّتْ أَنْ يَكُونَ لَهَا فِي وَصْفِهَا مُشَارِكٌ أَوْقَرِين
كَمُلَتْ مَحَاسِنُهُ فَلَوْ أَهْدَى السَّنَا
لِلْبَدْرِ عِنْدَ تَمَامِهِ لَمْ يُخْسَفِ
وَعَلٰى تَفَنُّنِ وَاصِفِيهِ بِوصْفِهِ
يَفْنَى الزَّمَانُ وَفِيهِ مَالَمْ يُوصَفِ
فَمَا أَجَلَّ قَدْرَهُ الْعَظِيم
وَأَوْسَعَ فَضْلَهُ الْعَمِيم