﴾ سمط الدّرر ﴿

navigate_before
navigate_next
وَقَدْ آنَ لِلْقَلَمِ اَنْ يَخُطَّ مَا حَرَّكَتْهُ فِيْهِ الْأَنَامِلْ
مِمَّا اسْتَفَادَهُ الْفَهْمُ مِنْ صِفَاتِ هذَا الْعَبْدِ الْمَحْبُوْبِ الْكَامِلْ
وشَمَائِلِهِ الَّتِيْ هِيَ اَحْسَنُ الشَّمَائِلْ
وَهُنَا حَسُنَ اَنْ نُثْبِتَ مَا بَلَغَ اِلَيْنَا فِيْ شَأْنِ هذَا الْحَبِيْبِ مِنْ اَخْبَارٍ وأثَارْ
لِيَتَشَرَّفَ بِكِتَابَتِهِ الْقَلَمُ وَالْقِرْطَاسُ وتَتَنَزَّهَ فِيْ حَدَائِقِهِ الْأَسْمَاعُ والْأَبْصَارْ
وَقَدْ بَلَغَنَا فِيْ الْأَحَادِيْثِ الْمَشْهُوْرَة
أَنَّ اَوَّلَ شَيْءٍ خَلَقَهُ اللّهُ هُوَ النُّوْرُ الْمُوْدَعُ فِيْ هٰذِهِ الصُّوْرَةْ 
فَنُوْرُ هٰذَا الْحَبِيْبِ اَوَّلُ مَخْلُوْقٍ بَرَزَ فِي الْعَالَمْ
ومِنْهُ تَفَرَّعَ الْوُجُوْدُ خَلْقًا بَعْدَ خَلْقٍ فِيْمَا حَدَثَ ومَا تَقَادَمْ 
وَقَدْ اَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِسَنَدِه عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا قَالَ: {قُلْتُ يَا رَسُوْلَ اللّهِ بِأَبِيْ واُمّيْ اَخْبِرْنِيْ عَنْ اَوَّلِ شَيْءٍ خَلَقَهُ اللّهُ قَبْلَ الأَشْيَاءْ
قَالَ: يَا جَابِرُ إِنَّ اللّهَ خَلَقَ قَبْلَ الأَشْيَاءِ نُوْرَ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نُوْرِهْ
وَقَدْ وَرَدَ مِنْ حَديْثِ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ اَنَّه قَالَ: قَالَ: رَسُوْلُ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ: كُنْتُ اَوَّلَ النَّبِيِّيْنَ فِي الْخَلْقِ وَآخِرَهُمْ فِي الْبَعْثِ
وَقَدْ تَعَدَّدَتِ الرِّوَايَاتُ بِاَنَّه اَوَّلُ الْخَلْقِ وُجُوْدًا وَأَشْرَفُهُمْ مَوْلُوْدًا
وَلَمَّا كَانَتِ السَّعَادَةُ الْأَبَدِيَّةْ
لَهَا مُلاحَظَةٌ خَفِيَّةْ
اِخْتَصَّتْ مَنْ شَاءَتْ مِنَ الْبَرِيَّةْ 
بِكَمَالِ الْخُصُوْصِيَّةْ 
فَاسْتَوْدَعَتْ هذَا النُّوْرَ الْمُبِينْ 
اَصْلابَ وبُطُوْنَ مَنْ شَرَّفَتْهُ مِنَ الْعَالَمِينْ 
فَتَنَقَّلَ هذَا النُّوْرُ مِنْ صُلْبِ آدَمَ وَنُوْحٍ واِبْرَاهِيمْ
حَتّى اَوْصَلَتْهُ يَدُ الْعِلْمِ الْقَدِيمْ
اِلى مَنْ خَصَّصَتْهُ بِالتَّكْرِيْمِ اَبِيْهِ الْكَرِيمْ
عَبْدِ اللّٰهِ ابْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِب ذِي الْقَدْرِ الْعَظِيمْ
واُمُّهُ الَّتِيْ هِيَ فِي الْمَخَاوِفِ آمِنَةْ 
اَلسَّيِّدَةِ الْكَرِيْمَةِ آمِنَةْ
فَتَلَقَّاهُ صُلْبُ عَبْدِ اللّٰهِ فَأَلْقَاهُ اِلى بَطْنِهَا 
فَضَمَّتْهُ اَحْشَاؤُهَا بِمَعُوْنَةِ اللّٰهِ مُحَافَظَةً عَلى حَقِّ هذِهِ الدُّرَّةِ وصَوْنِهَا 
فَحَمَلَتْهُ بِرِعَايَةِ اللّٰهِ كَمَا وَرَدَ عَنْهَا حَمْلا خَفِيْفًا لا تَجِدُ لَه ثِقَلا 
وَلا تَشْكُوْا مِنْهُ اَ لَمًا وَلا عِلَلا 
حَتّى مَرَّ الشَّهْرُ بَعْدَ الشَّهْرِ مِنْ حَمْلِهْ
وقَرُبَ وَقْتُ بُرُوْزِه اِلى عَالَمِ الشَّهَادَةِ لِتَنْبَسِطَ عَلى اَهْلِ هذَا الْعَالَمِ فُيُوْضَاتُ فَضْلِهْ
وَتَنْتَشِرَ فِيْهِ آثَارُ مَجْدِهِ الصَّمِيمْ